سورة القيامة - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القيامة)


        


{كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)}
{كَلاَّ} ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة، كأنه قيل: ارتدعوا عن ذلك، وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم، وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين. والضمير في {بَلَغَتِ} للنفس وإن لم يجر لها ذكر، لأنّ الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها، كما قال حاتم:
أَمَاوِيَّ مَا يُغْني الثَّرَاءُ عَنِ الْفَتَى *** إذَا حَشْرَجَتْ يَوْماً وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ
وتقول العرب: أرسلت، يريدون: جاء المطر، ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء {التراقى} العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال. ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي ودنا زهوقها: وقال حاضروا صاحبها- وهو المحتضر- بعضهم لبعض {مَنْ رَاقٍ} أيكم يرقيه مما به؟ وقيل: هو كلام ملائكة الموت: أيكم يرقى بروحه؟ ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ {وَظَنَّ} المحتضر {أَنَّهُ الفراق} أنّ هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة {والتفت} ساقه بساقه والتوت عليها عند علز الموت.
وعن قتادة: ماتت رجلاه فلا تحملانه، وقد كان عليهما جوّالاً. وقيل: شدّة فراق الدنيا بشدّة إقبال الآخرة، على أن الساق مثل في الشدّة.
وعن سعيد بن المسيب: هما ساقاه حين تلفان في أكفانه {المساق} أي يساق إلى الله وإلى حكمه.


{فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)}
{فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى (31)} يعني الإنسان في قوله: {أَيَحْسَبُ الإنسان أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] ألا ترى إلى قوله: {أَيَحْسَبُ الإنسان أَن يُتْرَكَ سُدًى} [القيامة: 36]، وهو معطوف على {يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القيامة} [القيامة: 6] أي: لا يؤمن بالبعث، فلا صدق بالرسول والقرآن. ولا صلى ويجوز أن يراد: فلا صدق ماله، بمعنى: فلا زكاة. وقيل: نزلت في أبي جهل {يتمطى} يتبختر. وأصله يتمطط، أي: يتمدد، لأن المتبختر يمدّ خطاه. وقيل: هو من المطا وهو الظهر، لأنه يلويه. وفي الحديث: «إذا مشت أمتى المطيطاء وخدمتهم فارس والروم فقد جعل بأسهم بينهم» يعني: كذب برسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى عنه وأعرض، ثم ذهب إلى قومه يتبختر افتخاراً بذلك {أولى لَكَ} بمعنى ويل لك، وهو دعاء عليه بأن يليه ما يكره.


{أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)}
{فَخَلَقَ} فقدر {فسوى} فعدل {مِنْهُ} من الإنسان {الزوجين} الصنفين {أَلَيْسَ ذَلِكَ} الذي أنشأ هذا الإنشاء {بقادر} على الإعادة.
وروي: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال «سبحانك بلى».
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة القيامة شهدت له أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمناً بيوم القيامة».

1 | 2